رحلة محمد الشافعي باري، من غينيا إلى مصر، منحة الأزهر الشريف، رحلة كفاح وإرادة، من جديد يظهر لنا أحد الأبطال الذين يبرهنون لنا على أنه لا مستحيل أمام تحقيق الأحلام، وأن الإرادة تقهر أي صعاب، فقط قل أريد وانطلق، والفوز لمن أراد وسعى.
موقع ملخص سبورت يستعرض رحلة محمد الشافعي باري، لتخليد أحد الأشخاص الذين يحتذى بهم، خاصة وأن كفاحه كان من أجل طلب العلم وإكمال حلمه بالدراسة في ” الأزهر الشريف ” كما قدوته.
محمد الشافعي باري.. من يكون؟
محمد الشافعي باري هو الإسم المترجم للغيني مامادو سافايو باري، وهو من مواليد العاصمة كوناكري عام 1998.
باري عاش وترعرع في مدينته، وكان شغوفاً بعلوم الشريعة الإسلامية، ولاحظ منذ صغره أن مصر هي من تصدرت حياته العلمية في هذا المجال، فقد كان معجباً بقراءة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وكان كثير الإستماع إلى دروس الشيخ الشعراوي، إلى أن أكتشف أن الكثير من علماء غينيا قد تعلموا بالأزهر في مصر.
باري جلس يفكر طالما مصر هي من خرجت كل العلماء الذين أعجب بهم، فلماذا لا يأخذ علمه من هناك، إلى متى سيبقى معتمداً على روافده، ولكن كيف لذلك من سبيل هو فقير جداً لا يمتلك تكاليف الدراسة، ولا حتى ثمن تكاليف تذكرة الطائرة.
وظل حلم الدراسة في الأزهر الشريف يراوده، ويدور الصراع بين الحلم والظروف، إلى أن استجمع إيمانه الكبير بأن الله هو من يتولى عباده، وأنه قال في كتابه الشريف أن ليس للإنسان إلا ما سعى، فما عليه إلا السعي، والله ولي التيسير.
آيات قرآنية محفزة على الحياة.. ألا بذكر الله تطمئن القلوب
رحلة محمد الشافعي باري.. إلى مصر
بدأ باري يعد عدته للسفر، ولما كانت وسيلته الوحيدة دراجته الهوائية التي في حوزته، فقد قرر أن يسافر إلى مصر على ظهرها، غير مبالي بكل الأخطار والمشاق التي ستعترضه.
وفي 17 أيار 2023 ودع باري زوجته وطفلته الوحيدة وانطلق من منزله قاصداً مصر، وقد فرض عليه الطريق أن يمر عبر 7 دول (مالي، بوركينا فاسو، توغو، بنين، النيجر، تشاد، السودان).
عانى باري أثناء سيره العديد من الصعوبات، فلم ينعم طوال رحلته بنوم هادئ، إذ كان يخشى على دراجته من السرقة، فكان ينام متكئاً عليها، كما أنه اضطر إلى الاقتصار في وجبات طعامه، فكان يأكل وجبة في اليوم، ووجبتين أحيانا، كما أنه تحمل مخاطر عبور المناطق الجبلية والغابات.
وقد تحدث باري أيضاً عن تعرضه للاعتقال ثلاث مرات، واحدة في بوركينا فاسو، ومرتين في بنين واضطر إلى دفع مدخرات رحلته للخروج وإكمال رحلته، ومع ذلك لم تفتر عزيمته، وتابع طريقه إلى تحقيق حلمه، إلى أن وصل إلى تشاد، بعدما قطع حوالي 5 آلاف كيلومتر، وفي تشاد ظهرت أولى بشارات الفرج، فهناك التقى أحد الصحفيين بباري وأجرى لقاءً معه، فسمع سكان تشاد بقصته عن طريق هذا اللقاء.
كانت المعارك محتدمة في السودان، مما شكل خطراً كبيراً على باري، وقد تفقده محاولة العبور حلمه وحياته أيضاً، فحذره الصحفي من دخول السودان، إلا أن أهل الخير من سكان تشاد كانوا متأثرين بشجاعة باري، وإرادته الصلبة، وأرادوا تقديم المساعدة له، لذلك قاموا بشراء تذكرة طيران من تشاد إلى مصر باسم باري.
قبل باري مبادرتهم والسعادة تغمر قلبه، فهو أخيراً سيصل إلى مصر، مما يعني أن الغموض الذي أحاط بمصير رحلته قد زال أخيراً، لتبصر عيناه مصر أخيرا بعد رحلة شقاء استمرت أربعة أشهر منذ انطلاقه.
معرض الكتاب الدولي في الرياض 2023
الطالب الأزهري محمد الشافعي باري
سارع باري فور وصوله إلى مصر قاصداً الأزهر الشريف، لكي يحجز مكانه بين طلابه، حيث تم قبول طلبه.
قصة باري أثارت ضجة في الشارع المصري، وصلت إلى إدارة الأزهر الشريف، ونالت جهوده وظروفه تقديراً كبيراً من قبل الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، الذي أحاط باري برعاية شديدة، فكلف المختصين بدراسة تخصيص منحة دراسية لباري، وصرف إعانة شهرية له، بما يكفل تغطية تكاليف دراسته بالكامل، وكذلك بما يضمن له العيش الكريم.
كما طالب الإمام الأكبر الأزهر للتعاون على جعل جميع سبل الحياة سهلة أمام باري، كي يتمكن من التفرغ للتحصيل العلمي، فلا تحول ظروف الحياة في التقليل من أهليته لحمل لقب خريج الأزهر، وهو الذي بذل كل مابذل لحمل ذلك اللقب.
في نهاية مقال محمد الشافعي باري، نكون قد قدمنا درساً جميلاً في الإرادة وتحمل الصعوبات، وأن لا شيء يقف أمام الإنسان سوى إرادته، وفي الختام نقدم التهاني لباري لبلوغه مأربه، والتحيه له ولكل مناضل في الحياة.