الطقاقة نورة الكويتية، مغنية شعبية، عرس الجن، اعتزال الفن، حقيقة أم خيال، اشتهرت قصة الطقاقة نورة مع الجن منذ عقدين، وكان لصداها أثر كبير فكانت موضوعاً متداولاً في جميع أنحاء الوطن العربي قبل عصر السوشل ميديا، حيث تحدثت عنها الصحافة والتلفاز والإذاعات، وكالعادة عند وجود موضوع مثير للجدل فإن الآراء تنقسم بين مصدق وغير مصدق، وكحادثة شعبية مرتبطة بالروحانيات ولا تستند إلى العلم، فإن قول الفصل فيها للعلماء المختصين، أضف إلى ذلك ما ورد عن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
في هذا المقال سنتناول حياة الطقاقة نورة وما حدث لها قبل اعتزالها، وهل ما تعرضت له حقيقي أم خيال.
نشأة الطقاقة نورة
نورة ربيع اسماعيل، مواطنة كويتية من مواليد ال1950، تنتمي إلى عائلة فنية، فوالدتها صنعة مغنية شعبية ذات شهرة في الكويت، وعلى الرغم من تأثرها بوالدتها أعطت نورة الأولوية للدراسة، حيث تدرجت في جميع المراحل الدراسية إلى أن حازت على شهادة في العلوم السياسية من جامعة الكويت.
عملاق قندهار آكل لحوم البشر.. بين الواقع و الأسطورة
أما عن حياتها الفنية فقد بدأت منذ نعومة أظافرها، ففي الستينيات كانت الطفلة نورة ترافق والدتها في حفلاتها الشعبية، حيث كان لوالدتها فرقتها الخاصة، وبعد اعتزالها تولت ابنتها قيادة الفرقة.
والطقاقة في اللهجة الخليجية تشير إلى فن الأفراح والأعراس، أي أن نورة كان لها نشاط في إحياء حفلات الأعراس، وما يميز نورة أنها كانت فنانة شاملة تكتب أغانيها وتلحنها وتغنيها، وقد لمع اسمها مع فرقتها المكونة من ستة فتيات في منتصف التسعينات، إذ لم يقتصر نشاطها داخل الكويت فحسب بل تعداه إلى جميع بلدان الخليج، فقد كان الطلب كبير على نورة لما تمتلكه من صوت قوي وطربي.
وقد سجل العام 1997 آخر حفلة لنورة، حيث اتخذت قرارها بالاعتزال على أثر حادثة جرت معها، نالت شهرة وانتشار كبيرين، وهي حفلتها التي أقامتها لعرس من الجن.
حفلة الجن
القصة كما روتها نورة لأحد الصحفيين في تسجيل صوتي: أنها ذات يوم تلقت مكالمة هاتفية من إحدى السيدات تطلب منها إحياء حفل زفاف ابنتها بمقابل500 دينار كويتي ـ وكان مبلغاً مجزياً آن ذاك ـ وافقت نورة على ذلك، وذهبت مصطحبة فرقتها إلى العنوان الذي أعطته إياه السيدة.
دخلت نورة مع الفتيات إلى غرفة تبديل الملابس، وهناك دخلن بعض النسوة ليسلمن عليهن، لاحظ الجميع أن أيادي النسوة خشنة كثيراً، وأن جواً غريباً قد رافق دخولهن، إلا أن نورة وعلى الرغم من عدم ارتياحها قالت للفتيات أن الأمر طبيعي.
بدأت الحفلة في تمام الساعة العاشرة، كانت الأجواء غريبة فالعريس يبدو كأنه قادم من العصر العثماني، والعاروس ترتدي بدلة سوداء، ولم يكن على الطاولات ما يقدم في الأعراس عادةً، وإنما كانت تعلوها وجبات تشبه وجبات الولائم.
غنت نورة لفترة قصيرة، وبعدها شعرت بالتعب وصعدت إلى إحدى الغرف لتنال قسطاً من الراحة، إلا أن النوم غلبها وهي على السرير، فشاهدت في حلمها سيدة ترتدي الأسود وشكلها غريب وتقوم بملاحقتها، فاتسيقظت نورة مرعوبة، وذهبت خارجة من الغرفة، وهناك شاهدت طفلاً يصعد الدور الثالث، فدفعها الفضول إلى أن تذهب خلفه، وعلى غرابة المكان استمرت نورة في ملاحقة الطفل، إلى أن سمعت صوت ضحكاته وهو يقف أمام أحد الأبواب، ولما دخل الطفل من الباب حاولت نورة أن تدخل خلفه إلا أن الباب كان مقفلاً.
قررت نورة النزول إلى حيث غرفة الملابس، فأحست بيد تمسك بقدمها، وقامت بشدها إلى داخل الغرفة، إلا أنها تمكنت من الفرار، وعادت إلى حيث الفتيات في غرفة الملابس، وهي موقنة في قرارة نفسها أن الحفل الذي تحييه إنما هو حفل للجن، ولذلك لابد من المتابعة حتى النهاية كي لا يقوموا بأذية أعضاء الفرقة.
كانت نورة تعمل على تهدئة الفتيات لكي يتمكناً من متابعة الحفل، وأثناء وصلة الغناء، خرجن النسوة إلى منصة الرقص، هنا لاحظت نورة أن أقدامهن أقدام الماعز، وعند انتصاف الليل ازداد عدد الحضور بشكل غريب، وبدأوا بإصدار الأصوات الصاخبة مع الدق على الدفوف.
وفجأة ومع أذان الفجر انقطع التيار الكهربائي واختفت أصوات الحضور، فبدأت الفتيات بالصراخ، هنا قالت لهن نورة أنها فرصتهن للهروب، وبالفعل خرجن ركضاً والرعب يعصف بقلوبهم، ولدى قطعهن مسافة يسيرة بعيداً عن القصر، أوقفهن أحد كبار السن وكان ذاهباً لصلاة الفجر وسألهن عن سبب وجودهن في هذا المكان في هذا الوقت، فأخبرنه عن أمر الحفلة، فجاء جوابه تأكيداً لشكوك نورة بأن القصر مهجور منذ سنوات، ولا أحد يمر من أمامه بسبب الأصوات المرعبة التي تصدر منه.
وعلى أثر ذلك الحفل اتخذت نورة قرارها بالاعتزال، وظلت على اعتزالها إلى أن وافتها المنية عام 2016.
ملخص سفاح الجيزة الحلقة ال8 والأخيرة :وقوع جابر في قبضة حازم
رأي الخبراء بما حصل مع نورة
كما أسلفنا أن لكل حادث مثير للجدل فريقان، فريق مصدق وفريق غير مصدق، العلماء وأتباعهم تناولوا الموضوع من ناحية علمية جسدها مؤخراً مسلسل كفوف ودفوف، ويحكي قصة سليمة المستوحاة من الطقاقة نورة، سليمة هذه تعاني من أمراض نفسية وهلاوس سمعية وبصرية، لذلك يسوق لها خيالها أشخاص مخيفين تراهم على أنهم حقيقة، وفي أثناء أحدى حفلاتها جاءتها تلك الهلاوس فأصيبت بالذعر، مما أثر على أعضاء فرقتها اللاتي خرجن وراءها هرباً.
أما محمد حسين خبير الروحانيات فقد أيد ما حدث مع نورة، موضحاً أن رقصة الزار المرافقة لهذا النوع من الحفلات شبيهة بطقوس حفلات الجن، حيث يقمن الحاضرات بالرقص والتصفيق بشكل سريع وهذا ما يتفق مع الرقص الذي يحيي الجن، وبناءً عليه فإن الجن كان يشكل حلقات غير مرئية للحضور، مما جعلهم يترصدون حفلات نورة وغيرها من هذا النوع من الحفلات.
وأن السيدة التي هاتفت نورة هي من فصيلة الجن الطيار، وهي على تواصل مع أحد سحرة الإنس الذي أوصلها بنورة لقاء خدمات يؤديها لذلك الساحر.
وقد افترض محمد حسين أن يكون استقدام الجن لنورة لإحياء حفلتهم بسبب رهان قائم بين هذه العائلة وإحدى العوائل، فعالم الجن يشبه عالم الإنس، واحتمال الرهان قائم، ولهذا الرأي جمهور يؤيده.
في ختام مقال الطقاقة نورة الكويتية، استبعد موضوع الخيالات، فهو أقرب إلى الصدق من الهلاوس، خاصة وأن المكان الذي أحيت فيه الحفلة موجود، ومعها الشهود، وليس هناك من سبب يدفعها لاختلاق هذه الأسطورة خاصة وقد اعتزلت بسببها، ولم يكن الترند موجود في عصرها، أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يؤيدون القصة وينسبونها للهلاوس لعدم وجود عالم الجن، فالقول الفصل للرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه لنساءه: ” أتدرون من خرافة؟ إن خرافة كان رجلاً من عذرة، أسرته الجن في الجاهلية، فمكث فيهم دهراً طويلاً، ثم ردوه للإنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة” حديث صحيح.
