معركة السفر برلك، أحمد جمال باشا السفاح، الحرب العالمية الأولى، حملة ترعة السويس، من جديد يطالعنا سبب خفي وراء حدث كبير وهام، وهو السبب وراء خسارة السلمين أمام الإنكليز في معركة السفر برلك، تلك المعركة التي شكلت كارثة على العرب، لا بسبب الخسارة، بل بسبب نتائجها البعيدة، توارى خلف هذه النتائج السبب الحقيقي لخسارة المعركة
في هذا المقال سنتحدث عن الحملة التي أعدها وقادها أحمد جمال باشا السفاح، وكيف خسر المسلمون فيها، والسبب الحقيقي للخسارة تلك.
أقرأ أيضا : ما حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: هل سيصبح واقعاً؟
أحمد جمال باشا السفاح 1873ـ 1922
أحد أبرز قيادات الدولة العثمانية، والذي ارتبط اسمه بالأحداث الدموية التي عانى منها العرب في بلاد الشام أثناء الحرب العالمية الأولى فلقب عن جدارة بالسفاح.
تدرج جمال باشا السفاح في مؤسسات الدولة العثمانية ومناصبها، فقد كان من المنتسبين لأعضاء جمعية الاتحاد والترقي، وأحد أفراد الثورة التي قادتها حركة تركيا الفتاة ضد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908، وقد بدأ بالترقي في المناصب منذ العام 1911 عندما عين والياً على العراق، وفي عام 1913 أصبح وزيراً للأشغال العامة، ومن ثم وزيراً للبحرية عام 1914، وأخيراً والياً على بلاد الشام عام 1914.
تتميز فترة ولايته على الشام بتزامنها مع الحرب العالمية الأولى، فكان جمال باشا هو المسؤول عن إعداد الجيوش وتنظيمها في بلاد الشام للمشاركة في القتال، وكانت إعداد للحملة التي خاضت معركة السفر برلك إحدى هذه المهام، فما هي تلك الحملة.
تعريب كلمة ترند هل يحتمل أن يكون قراراً صائباً
الحرب العالمية الأولى ومعركة السفر برلك
اندلعت الحرب العالمية الأولى بتاريخ 28/ 7/ 1914، بين قوات الحلفاء (إنكلترا، فرنسا، روسيا) ضد دول المركز (ألمانيا، النمسا، بلغاريا)، وقد دخلت الدولة العثمانية في الحرب إلى جانب دول المركز، نظراً لارتباط مصالحها مع أهداف تلك الدول، ومن بين المعارك التي خاضتها الدولة العثمانية في هذه الحرب معركة السفر برلك ضد القوات البريطانية في السويس، وقبل الحديث عن الحملة لا بد لنا من الإجابة عن السؤال: من أين أتت تسمية السفر برلك؟
سفر برلك (Seferberlik) تعني بالتركية النفير العام والتأهب للحرب، وهو عبارة عن فرمان أصدره السلطان العثماني محمد رشاد بتاريخ 3/ 8/ 1914، يلزم جميع الأفراد القاطنين في الدولة العثمانية المتراوحة أعمارهم بين ال 15 وال45 من مسلمين وغير مسلمين بالالتحاق بالجيش العثماني.
والآن نعود إلى موضوعنا وهو الحرب التي حملت نفس الإسم، ففي مطلع عام 1915 كلفت الدولة العثمانية واليها على الشام أحمد جمال باشا بالتحضير لحملة ضد بريطانيا من أجل استعادة قناة السويس المحتلة منذ العام 1882.
وعلى الفور بدأ جمال باشا بالإعداد لما عرف بحملة تحرير ترعة السويس الأولى، فجمع لها نحو 20 ألف جندي، وكان هدف الحملة تحرير القناة بما يضمن أيضاً قطع خطوط المواصلات بين بريطانيا ومستعمراتها الآسيوية، خاصة الهند (درة التاج البريطاني).
بدأت المعركة في 3 شباط، وقد فوجئ أفراد الحملة بالقصف البريطاني المكثف عليهم، وكأنهم كانوا على مستعدين لقدومهم، فكانت النتيجة خسارة العرب أمام البريطانيين، بعدما تكبدوا 1500 قتيل، بينما لم يخسر الإنكليز سوى 22 قتيل من أصل 30 ألف مقاتل شاركوا في الحرب.
وقد تتفاجئ عزيزي القارئ بأن سبب الخسارة الحقيقي لم يكن تفوق الإنكليز على العرب في العدد والعدة، وإنما هناك سبب آخر كان السببالرئيس لهذا التفوق، إليكم ما حدث.
الشعرة التي قصمت ظهر هتلر : وحولته من منتصر كبير إلى خاسر أكبر
السبب الخفي لخسارة العرب معركة السفر برلك
كان جمال باشا شديد الثقة بنفسه، ومتهوراً في نفس الوقت، فجمال باشا كانت تربطه علاقة حب سرية باليهودية سارة آرنستون قائدة شبكة نيلي المتمركزة في عثليت، ونيلي التي كان يظنها الكثيرون أنها نسبة لنهر النيل هي اختصار لجملة باللغة الإسرائيلية (نصح يسرائيل لا يُشقّر) أي بهاء إسرائيل لا يزول.
وسارة تلك كانت تربطها علاقة حب مع الجاسوس الإنكليزي لورنس العرب، الذي كان مغرماً بها، وكتابه الأعمدة السبعة كان مهدىً لها، فالحروف التي كتبها بالإهداء (س.أ) يقصد بها سارة آرنستون، وليس سالم أحمد ذلك الغلام العربي الذي كان يخدم لورنس، كما ظن البعض.
المهم أن جمال باشا كان يثق بسارة كثيراً، وأثناء جلساته الغرامية أخبر سارة بأمر الحملة، وأعطاها كل التفاصيل عنها، وهي بدورها أخبرت لورنس عنها، مما مكن إنكلترا من الاستعداد لها جيداً، وبالتالي خسارة العرب.
الجدير بالذكر أن جمال باشا صب جام غضبه على العرب محملاً إياهم مسؤولية الخسارة، وأصدر بالنتيجة عدة قرارات تعسفية بحق العرب في بلاد الشام، أشهرها قيامه بإعدام عدد من المثقفين في لبنان ودمشق بتهمة الخيانة والتخابر مع فرنسا وإنكلترا.
في ختام مقال معركة السفر برلك، يتضح لنا أهمية التاريخ والخطر الكبير الذي أحاط بنا بسبب إهمال مطالعته، فهذه خسارة أخرى من الخسارات الكثيرة التي وقفت وراءها قصص الحب الفاشلة، والتي لم تكن في الأصل من أجل الحب والوفاء بل كانت دسائس كبرى نفذتها الأطراف المعادية، والتي على ما يبدو قد استفادت كثيراً من قراءة التاريخ.