ما حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: هل سيصبح واقعاً؟

ما حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: حقيقة غرق مدينة الإسكندرية، هل الإسكندرية معرضة للغرق، متى غرقت مدينة الإسكندرية، دلائل غرق مدينة الإسكندرية، منذ غابر الأزمان لم تفتأ الكوارث الطبيعية تفتك بالكرة الأرضية مما جعلها تهديداً حقيقياً ومباشراً لحياة الكائنات الحية، وأكثر ما يثير القلق والفزع أنه لا يمكن للإنسان السيطرة عليها وإن أمكنه التنبؤ بها بفضل التطور العلمي والتكنولوجي، إلا أن العلم يقف عاجزاً أمام التحديد الزمني الدقيق لوقوع هذه الكوراث، مما جعلها مادة دسمة لمنصات التواصل الاجتماعي، فمنهم من يريد التكسب عن طريق إثارة الفزع بين الناس، ومنهم من يريد بصدق تنبيه الآخرين لاتخاذ الاجراءات الوقائية

ما حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: هل سيصبح واقعاً؟
ما حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: هل سيصبح واقعاً؟

في هذا المقال سنطرح أحد هذه الكوارث وهو ارتفاع منسوب مياه البحار وخطر ذلك على مدينة الإسكندرية، هل هي حقاً مهددة بالزوال؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب معرفة أسباب ارتفاع منسوب المياه، والأسباب التي دفعت للاعتقاد بغرق الإسكندرية، وهل هناك إجراءات يمكن أن تنقذ الموقف؟

65042d69803b0
ما حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: هل سيصبح واقعاً؟

أسباب ارتفاع منسوب مياه البحار ومخاطره

الأسباب

 تنوعت الأسباب المؤثرة في هذه الظاهرة فمنها ما هو طبيعي ومنها ما هو ناتج عن التدخل البشري.

لماذا اشترى كولومبس حماراً قبل رحلته إلى أمريكا؟

الأسباب الطبيعية

1ـ ازدياد درجات الحرارة مما يؤدي إلى ذوبان الثلوج في المحيطات، وهنا تؤثر البراكين تأثيراً طفيفاً في زيادتها.

2ـ حركة القمر: وهي من حيث التأثير نوعان:

أولاً: تأثير ناتج عن قوة الطرد المركزي الناتجة عن دوران القمر حول الأرض، مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه.

ثانياً: تأثير ناتج عن الدورة العقدية القمرية وهي ميل القمر بعيداً عن خط الاستواء بسبب انحراف حركة دوران محوره بنحو 5 درجات عن مداره حول الأرض، هذا الذبذب يحدث كل 18,6 سنة ويسبب ارتفاعاً في مستوى البحر.

الأرض والقمر

الأسباب البشرية

انبعاث الغازات الدفيئة عن المنشآت الصناعية الحرارية بكثرة، مما ساهم في حدوث الاحتباس الحراري، وبالتالي ذوبان الثلوج في المسطحات المائية المتجمدة.

المخاطر

يزيد ارتفاع منسوب مياه البحار من خطر الفيضانات المدمرة، مما ينبئ باندثار الجزر الصغيرة والمناطق الساحلية المنخفضة، وهذا بدوره يشكل خطراً كبيراً على الأرواح، وبالنسبة للمناطق التي تغمرها مياه الفيضان فإنها تعاني من ملوحة التربة وقلة المياه العذبة، وكذلك من تدمير البنى التحتية الحيوية، والبنى البيئية الطبيعية.

سنتقصر في بحثنا على دراسة الحالة المرتقبة لمدينة الإسكندرية، ومعرفة احتماليات غرقها كما هو متداول.

الشعرة التي قصمت ظهر هتلر : وحولته من منتصر كبير إلى خاسر أكبر

حقيقة غرق مدينة الإسكندرية ؟

يتم حالياً تداول موضوع غرق الإسكندرية رغم أنه ليس بجديد، فأول من نبه إليه رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون في قمة المناخ كوبي 26 المنعقدة في إيسلندا في 2021/11/4، إلا أن الجدل أثير حديثاً بسبب اقتراب موعد القمة القادمة المقرر انعقادها في شرم الشيخ من 6ـ 18 تشرين الثاني، حيث سارع بعض رواد التواصل الاجتماعي إلى تداول الموضوع متخذين من غرقها حقيقة واقعة، مستندين في ذلك على أدلة تاريخية وعلمية.

1ـ تاريخياً:

أولاً: تعرض المنطقة في وقت سابق لفيضان مدمر تحديداً عام 365م، تدمرت فيه معظم المدينة.

ثانياً: غرق مدينة هيراقليون في القرن الثامن الميلادي، وهي تبعد عن الإسكندرية 32كم إلى الشمال الشرقي منها.

أحد معالم هيراقليون الغارقة

2ـ علمياَ:

يؤدي ذوبان الثلوج المستمرة إلى رفع منسوب مياه البحر المتوسط، ومن المتوقع أن يصل ارتفاعه إلى 50 سم، وبالتالي فإن مياه البحر ستغمر 30% من مدينة الإسكندرية، لا سيما أنها محاطة بالبحر من ثلاث جهات، فضلاً عن وجود بحيرة مريوط في الجنوب.

ويؤكد العلماء أن الارتفاع سيصل في المستقبل القريب إلى 2,5، وستغمر 1,8 مليون كيلو متر مربع، مما يعني غرق مدينة الإسكندرية بالكامل، وهذا التصريح لا يحوي تحديداً زمنياً لتاريخ حدوث ذلك.

في حين أطلقت اليونسكو إنذاراً تحذر فيه من تسونامي يتخطى ارتفاعه متر ونصف سيضرب خمسة مدن متوسطية من بينها الإسكندرية، وسيحدث ذلك قبل حلول عام 2030.

وهنا يتدخل العلماء المصريين في توضيح مخاطر ارتفاع منسوب البحر المتوسط على مصر، فإذا ارتفع نصف متر فإنه سيغرق حوالي نصف مليون فدان شمال الدلتا، وسيضاعف حجم البحيرات الشمالية، وسيغمر أراضي من بور سعيد ودمياط والإسكندرية، وتهجير 4 ملايين نسمة، وفي حال بلغ ارتفاعه متر ونصف فسيغمر البحر 25 كم من الدلتا مغرقاً مليون ونصف فدان، مما يؤدي إلى تهجير أكثر من 8 مليون نسمة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيحدث ذلك فعلاً، ومتى؟

الفاتح المسلم الذي قتل ابنه: ما بين الكذب والحقيقة

معطيات تأكيد غرق الإسكندرية أو نفيه

قبل أن نعطي الحكم على أي حدث نسمعه سواءً بالنفي أو التصديق، يجب علينا أولاً دراسة جميع الجوانب والاستناد إلى أقوال أهل العلم والمصادر المسؤولة، وإجراء المقارنات، حتى نتمكن من إعطاء توقعات حقيقية.

بالنسبة لموضوع غرق الإسكندرية، علينا أن نعرف أسباب احتمالية حدوث الفيضانات، ومن ثم الاطلاع على التدابير التي يمكن اتخذاها، ومن هنا نستطيع الإجابة عن السؤال: هل ستصبح إشاعة غرق الإسكندرية واقعاً؟

في البداية لابد من معرفة طبيعة الأرض التي بنيت عليها الإسكندرية، فقدت شيدت على أنقاض مدن سبقتها، فوق تلال ساحلية من الأحجار الجيرية المغطاة بطبقة من الطين، تليها منطقة من الطمي، مما يساهم في هشاشة الأرض، فضلاً عن موقعها بالقرب من صفائح تكوينية نشطة زلزالياً، جميع العوامل السابقة تشير إلى أن أرض الإسكندرية هشة وغير مستقرة.

أما بالنسبة لحدوث فيضانات فهذا أمر مؤكد بسبب الازدياد المستمر في ارتفاع منسوب المياه، ولكن هل حقاً سيرتفع الماء بالمقدار الذي تم طرحه سابقاً؟

والجواب هنا يقدره علماء الجيولوجيا، وفي دراسة شاملة من قبل عباس شرقاوي خرج ليصرح بأن ارتفاع منسوب المياه أمر طبيعي إذ ارتفع خلال القرن الماضي حوالي 16ـ 20 سم، وقد قلل الشرقاوي من الخوف حيال ازدياد درجات الحرارة مؤكداً على أن الارتفاع بفعل العوامل الطبيعية يستغرق آلاف السنين.

أما بالنسبة للنشاط البشري فقد تسبب بارتفاع درجة واحدة مئوية خلال 200 عام بمعدل 0,1 ـ 0,2 كل عشر سنوات، وأن الخطر الحقيقي سيكون عند وصول حد الارتفاع إلى 4 درجات وذلك يستغرق مئات السنوات، وربما الآلاف مع تنفيذ خطط التقليل من انبعاث الغازات الدفيئة. هذا ما يتعلق بالنواحي الطبيعية.

أما النواحي التاريخية التي تحدث عنها نشطاء السوشيال ميديا وتنبأوا على أساسها بغرق الإسكندرية، فكان لزاماً  عليهم توضيحها بالكامل، فمدينة هيراقليون لم تغرق بسبب ارتفاع منسوب المياه بشكل مباشر، بل بسبب تعرضها على مدار سنوات لمجموعة من الزلازل وموجات تسونامي مما تسبب في إضعافها، إلى أن التهمها البحر

وذلك لم يحدث دفعة واحدة بل على مرتين يفصل بينهما مئات السنين، حيث غرق جزء منها في القرن الثاني ق.م، لتغرق بشكل نهائي في القرن الثامن الميلادي.

وعليه يمكن القول أن الإسكندرية لن تغرق بسبب مد البحر، فاحتمالية غرقها مبنية على حدوث الزلازل وموجات تسونامي، وإن حدث ذلك على أسوء تقدير فإنه سيستغرق وقتاً طويلاً، خاصة أنها لم تتعرض لتسونامي منذ عام 1303م

وما يدفعنا إلى الإطمئنان أكثر أن إعصار دانيال الأخير وصل إلى مصر على شكل رياح نشطة مثيرة للرمال والأتربة، ويبقى خطر تعرضها للزلازل التي لا يمكن التنبؤ بحدوثها، فقد كان آخر زلزال عام 1955م، ورغم شدته التي بلغت 6،3 رختر ومع ذلك لم تغرق الإسكندرية.

نموذج عن الإجراءات الوقائية التي تقوم بها الحكومة في الإسكندرية

في نهاية مقالنا عن، حقيقة غرق مدينة الإسكندرية: وبناءً على الحجج التي استند عليها الناشطون، يمكن القول أن الخطر قائم بسبب طبيعة المدينة الهشة، والارتفاع الدائم في منسوب مياه البحر، إلا أن انتدثارها سيكون بعيداً جداً، خاصة مع التدابير الوقائية التي تقوم بها الحكومة المصرية في حماية شواطئ المدينة، فضلاً عن التدابير التي يقوم بها العالم بشكل عام للحد من ازدياد درجات الحرارة بفعل الغازات الدفيئة، ولتحديد زمن غرق الإسكندرية ـ وهذا ما لا نتمنى حدوثه ـ يحتاج إلى دراسات مكثفة على كافة الأصعدة من قبل أصحاب الكفاءات من أهل الاختصاص، وهنا لا ننسى الإشاعات التي أكدت على غرق الإسكندرية في عام 2023.

شارك

You cannot copy content of this page