كيفية حفظ القرآن : إنَّ حفظَ القرآنِ الكريمِ هو غايةُ كلِّ مُسلِمٍ يعرف دينَه، والأحاديث الواردة في فضل حفظ القرآن، وفي شرف مكانة أهله، تُشجِّعُ وتُرغِّبُ كلَّ ذي قلبٍ سليمٍ لأنْ ينصرف إلى حفظ كتاب الله، والعناية به أيّما عناية.
ولكن للأسف، إنَّ بعضَ الناس يقفون عاجزين ومُكبَّلين أمام حفظ القرآن، لا يدرون كيف يبدؤون، ولا كيف يحفظون، ولا كم يحفظون، وإنها والله لمن أصعب العقبات التي تواجه أيَّ حافظٍ لكتاب الله، فكان لا بدَّ مِن مقالٍ أشرح فيه كيفية حفظ القرآن، مُستعينًا بالله، مُخْلِصًا له.
فضل حفظ القرآن.
1_ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في سُنن ابن ماجه: “إنَّ لله أهلين من الناس.” قالوا: يا رسول الله، مَن هم؟ قال: “هم أهل القرآن، هم أهل الله وخاصَّتُه.” فبالله عليكَ أخي، تفكَّر في كلمة “أهل” وتدبرها جيدا، فإنك ستدرك تلك المنزلة العظيمة التي يحظى بها حافظ القرآن، وهي أن يكون من أهل الله.
2_ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما عند أبي داود، والترمذي، والنسائي، وأحمد: “يُقالُ لصاحب القرآن: اقرأ وارقَ ورَتِّل كما كنتَ تُرَتِّلُ في الدنيا؛ فإنَّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقرؤها.”
3_ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث عند البخاري ومسلم: “مَثَلُ الذي يقرأ القرآن وهو حافظٌ له مع السَّفَرَة الكِرام البررة.” والسفرة الكرام هم الملائكة، فما أجملها من منزلة! وما أعظمها من مكانة! أن تكون جار الملائكة.
الالتزام في معهد لتحفيظ القرآن الكريم.
إنَّ مِن أهمِّ المُعينات على حفظ القرآن الكريم الالتزام في معهدٍ، أو مسجدٍ، أو حلقةٍ صغيرة يتم فيها التحفيظ والتسميع وتصحيح الأخطاء والأغلاط. ولكن إن لم يكن بالقرب منك أيُّ شيءٍ من هذا القبيل فلا بأس، بإمكانك أن تحفظ وحدك، ولكنك حتما ستجد صعوبةً كبيرة.
كيفية حفظ القرآن.
1_ نختار مقدارَ الحفظ، وليكن صفحة واحدة في اليوم.
2_ نسمع مقدار الحفظ من قارئٍ مُجَوِّدٍ مُتقن: المنشاوي، الحصري، عبد الباسط عبد الصمد.
3_ نقرأ مقدار الحفظ قراءةً مُجوَّدةً خمس مرات.
4_ نُحاول أن نفهم معاني الآيات لوحدنا -بدايةً- من غير كتاب تفسير.
5_ نقرأ تفسير الصفحة من كتاب تفسير مُبسَّط: المختصر في تفسير القرآن الكريم، تفسير السعدي.
6_ نقرأ معاني الكلمات الغريبة التي في الصفحة من كتاب: السراج في بيان غريب القرآن.
7_ نقرأ الآية الأولى من مقدار الحفظ ونكررها ما استطعنا، بعض الناس يكرر عشر مرات، وبعضهم يكرر عشرين مرة، لكنِ الأفضل لتثبيت الحفظ هو أن تكرر خمسين مرة فما فوق.
8_ نقرأ الآية التالية من مقدار الحفظ ونكررها العدد الذي وضعناه للتكرار.
9_ نكرر الآيتَين الأولى والثانية من خمس إلى عشر مرات.
10_ نقرأ الآية الثالثة ونكررها، ثم نعيد قراءة الآيات الأولى والثانية والثالثة، ونكررهم من خمس إلى عشر مرات، وهكذا نفعل حتى نهاية الصفحة.
11_ بعد أن ننتهي الصفحة، نحفظ الآية الأولى من الصفحة التالية بنفس طريقة الحفظ؛ وهذا يسمى الربط بين الصفحات.
12_ بعد أن ننتهي من حفظ الصفحة، نكررها ما شئنا حتى تثْبُت.
13_ نقرأ مقدار الحفظ في الصلوات.
14_ نقرأ مقدار الحفظ في صلاة قيام الليل.
15_ في اليوم التالي، نحفظ صفحة جديدة بنفس طريقة الحفظ، وعند ختمها نُعيد قراءتها هي ومحفوظ البارحة، ونكررهما ما شئنا.
16_ عند حفظ صفحة جديدة، نحفظها بالخطوات التي ذكرناها، ونقرأ ما حفظناه قبلها حتى حدِّ جزئين.
طريقة حفظ القرآن.
هناك أكثر من طريق يمكننا أن نسلكه في رحلة حفظنا للقرآن الكريم:
إما أن نحفظ بترتيب السور في المصحف، من البقرة حتى الناس.
وإما أن نحفظ بالعكس، من الناس حتى البقرة
أو نحفظ بهذه الطريقة:
1_ نحفظ جزء عم، وتبارك، وقد سمع.
2_ نحفظ سورتي البقرة وآل عمران.
3_ نحفظ سورا من منتصف القرآن: يوسف، مريم، إبراهيم…
4_ الآن تشكل لدينا ثلاث محطات: بداية ووسط ونهاية، نحفظ ما بين هذه المحطات من السور حتى نصلها ببعضها، وهذه الطريقة مُشوِّقة ومُحفِّزة.
في النهاية، أخي القارئ، أختي القارئة، تعلَّمنا في هذا المقال كيفية حفظ القرآن، وعرفنا فضل حفظه ومكانة أهله.
ثمّ اعلم أخي وأختي أنَّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، فكما عند النسائي من حديث أبي أمامة الباهلي، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، وابتُغيَ به وجهُه.” فاحرِصا أشد الحرص أن يكون حفظكما للقرآن الكريم خالصا لله تعالى، تبتغيا به وجهه سبحانه.
وفَّقنا الله جميعا لحفظ كتابه، وأعاننا وإياكم.
