عملاق قندهار آكل لحوم البشر، حقيقة عملاق قندهار، عملاق قندهار ويكيبيديا، وحش قندهار، عندما تتعلق الحوادث الغامضة المتداولة بالجهات الرسمية الحكومية، فإن كلمة الفصل في كشف غموضها تكون للجهات تلك، فإن كانت الجهة التي صرحت عنها فردية فإنها في هذه الحالة تكون في موضع نقاش وجدل، مما يضع الجمهور في صراع بين جهة مصرة على تعتيمها وجهة مصرة على حدوثها، وفي هذه الحالة لا بد من دراسة الواقعة تلك والاستناد إلى الأدلة والبراهين لحسم هذا النوع من الجدال
في هذا المقال سنتناول قضية ترجع وقائعها إلى عقدين من الزمن، يجري تدوالها حديثاً وبكثرة، ما بين مؤيد لصحتها ومعارض، كما سنبحث المعطيات التي من شأنها أن تحسم النقاش في الحكم على واقعيتها. فلنبدأ مقال، عملاق قندهار آكل لحوم البشر، ومعرفة تفاصيل الواقعة.
أقرأ أيضا : الفاتح المسلم الذي قتل ابنه: ما بين الكذب والحقيقة
أحداث واقعة عملاق قندهار كما يرويها أحد الجنود الأمريكان
من المعروف أن أمريكا قد دخلت الحرب في أفغانستان عام 2001، لتقود عمليات القتال هناك ضد حركة طالبان الساعية للسلطة، ولما كانت قندهار عاصمة طالبان آنذاك فمن الطبيعي أن تركز أمريكا اهتمامها عليها.
تقول الرواية أنه في أحد الأيام من العام 2002 أصدر القائد العسكري الأمريكي أوامره لإحدى كتائبه لتمشيط إحدى مناطق تمركز طالبان، وكانت تلك المنطقة معزولة ومليئة بالكهوف والمغاور.
مضى الوقت ولم يعد أفراد الكتيبة، مما أثار قلق القيادة، فأرسل القائد العسكري كتيبة أخرى لتفقد الوضع.
سلك جنود الكتيبة الثانية الطريق نفسه الذي سلكه زملاؤهم، إلى أن لاحظوا بقايا معدات وأسلحة أمريكية، فما انفكوا يتتبعون تلك البقايا إلى أن قادتهم إلى باب أحد الكهوف، ووقفوا هناك تساورهم مشاعر ممزوجة بالحيرة والتوجس، ولما قرروا الدخول علّهم يلتقون بزملائهم إذ بوحش عملاق يظهر في باب الكهف، كان هذا الوحش يمتلك هيئة بشرية لكنه لا يشبه البشر، فقد بلغ من الطول حوالي 15 قدماً، وله ست أصابع في كل طرف، فضلاً عن فكه المزدوج.
أقرأ أيضا : الشعرة التي قصمت ظهر هتلر : وحولته من منتصر كبير إلى خاسر أكبر
كان ظهور الوحش مفاجأة شلت حركتهم، مما مكنه من الانقضاض على أحد الجنود وأرداه قتيلاً، فتنبه الجنود لخطره، وسرعان ما صوبوا أسلحتهم باتجاهه، إلا أنه لم يمت من الطلقات الأولى، فأمطروه بوابل الرصاص مدة نصف دقيقة ليخر بعدها صريعاً، واضعين بذلك نهاية سريعة لحادثة عملاق قندهار.
وبعد التأكد من وفاته دخل الجنود إلى الكهف ليصطدموا بالمنظر الذي رأوه، فقد وجدوا زملاءهم داخل الكهف بالفعل، ولكنهم كانوا عبارة عن بقايا عظام، فمن الواضح أن العملاق قد اقتات عليهم ولم يُبقِ منهم إلا ما بقي من عظام، والسؤال هنا كيف تعامل كل من السلطات الأمريكية وجنود الكتيبة مع هذه الحادثة؟
أقرأ أيضا : قصة عشق وخيانة حالت دون سقوط أوروبا بيد الأمويين
موقف السلطات الأمريكية من واقعة عملاق قندهار والاجراءات التي اتخذتها
لدى وصول أخبار مقتل الكتيبة الأولى على يد العملاق سارعت السلطات الأمريكية إلى إصدار أوامرها بالتكتم على هذه القضية بشكل كامل، وعليه أمضى جميع الجنود على وثيقة سرية يتعهدون فيها بعدم إفشاء الواقعة، كما قامت السلطات بنقل جثة العملاق باستخدام طائرة وشبكة وأخذته إلى جهة مجهولة.
وظلت القصة طي الكتمان حتى عام 2016 حيث ظهر شخص مجهول لم يتم الكشف عن هويته على قناة يوتيوب لصانع الأفلام L.A Marzulli يزعم فيه أنه أحد الجنود الذي شهدوا ذلك الحدث، وأن ما دفع السلطات الأمريكية لإخفاء الخبر هو الحفاظ على هدوء مواطنيها، معللاً ظهوره بأن الآخرين لهم الحق في معرفة الظواهر الغريبة التي تحدث على كوكب الأرض.
قوبلت هذه الرواية العجيبة التي رواها المجهول بعاصفة من ردود الأفعال ما بين مكذب لها لأنها تخالف المعقول، وبين مصدق لها مستندين بذلك على قيام اليوتيوب بحذف الفيديو، وأن هناك عمالقة يعودون إلى عصر سيدنا نوح وقد تم ذكرهم في الكتاب المقدس، وأن عملاق قندهار يعد آخر فرد من هذه السلالة.
وكما ذكرنا في مقدمة المقال فإن كلمة الحسم في هذا السِجال ستكون للحكومة وتحديداً وزارة الدفاع، التي أصدرت بياناً على لسان متحدثها ينفي وجود تقارير تثبت هذه الواقعة، كما أنه لم يرد خبر مقتل أي جندي على يد عملاق، كما أكدت الوزارة على مقتل العديد من جنودها على أبواب الكهوف والمغاور، إلا أن الفاعلين معروفين وهم جنود طالبان.
رغم تصريحات وزارة الدفاع إلا أن أنصار الكتاب المقدس استمروا في إثارة هذه القضية، ومما دعّم مزاعمهم تأييد الجهات المناهضة للحكومة لقصة العملاق ومساعي الحكومة في إخفاءها.
وأمام إصرار الحكومة الإمريكية على نفي الواقعة وفي المقابل هناك جهات تؤكدها، هنا يأتي دور دراسة المعطيات دراسة واقعية موضوعية لإثبات الواقعة أو نفيها.
معطيات إثبات أو نفي واقعة عملاق قندهار
قبل الخوض في معطيات الواقعة، والمعطيات اللاحقة لها، هناك عامل مهم جداً في قضية حسم النقاش، وهو العامل التاريخي الذي استند عليه أنصار التيار المؤيد لقصة وجود العملاق عندما نسبوه إلى نسل عمالقة عصر سيدنا نوح، ولذلك فإن نظريتهم هذه تقضي بأن العملاق قد نشأ ضمن مؤسسة اجتماعية، وهذا بدوره يقتضي دراسة تاريخ حضارة قندهار، ومعرفة خصائص سكان الكهوف فيها، وإلى متى استمروا في سكنى تلك الكهوف.
تؤكد التنقيبات الأثرية التي أجريت عام 1966 على أن أفغانستان مأهولة بالسكان منذ 52000 سنة كأقل تقدير، وقد عثر في كهوفها على بقايا إنسان النياندرتال لا العمالقة، وأن أفغانستان قد سبقت الكثير من المناطق في تأسيس المجتمعات الزراعية حيث عمل السكان بالرعي والزراعة، وكانت التجمعات فيها على شكل قبائل وممالك محلية صغيرة دون أن ترد إشارة إلى وجود سلالات مستقلة، وتشير التنقيبات بأن عملية التحضر في أفغانستان قد بدأت منذ حوالي سنة 3000 ق.م، حيث شهدت قيام ممالك كبرى إحداها مملكة قندهار 1500ـ 535 ق.م.
وإذا ما افترضنا أن العملاق جاء إلى قندهار مهاجراً لوحده، فلا بد في هذه الحالة أن تسفر التنقيبات عن وجود آثار أقدام عملاقة بستة أصابع، وهذا مالم يرد عن البعثة الأثرية.
كما توالى على المنطقة الكثير من الأقوام منذ غزوات الإسكندر المقدوني في القرن الرابع ق.م وحتى سيطرة حركة طالبان على مناطق منها عام1994، جميعها لم يذكر أي شيء عن وجود خلية عمالقة في المنطقة، سيما أن طالبان تمركزت في منطقة الكهوف والمغاور في قندهار فمن غير الطبيعي أن لا يخرج العملاق بحثاً عن الطعام والمياه، عندها لابد من أن يلمحه أحد ما.
أما عن الرواية فهي تفتقر إلى تحديد التوقيت الزمني الدقيق، وكذلك لم يؤكدها الجنود الذين شهدوا الحادثة المزعومة، مع عدم الكشف عن هوية المتحدث، ودعمها من قبل التيارات المناهضة للحكم الحالي بحجة نظرية المؤامرة على الرغم من أن التنقيبات قد سبقت الحادثة ب36 عام، كل ذلك يؤكد على ضعف الرواية.
وفي الختام وبعد استعراض ما ورد على لسان الشخص المجهول عن عملاق قندهار آكل لحوم البشر، واستعراض رودو الأفعال ورد الحكومة الأمريكية على هذه الرواية، ومن خلال دراسة موجزة وموضوعية للحادثة استناداً للماضي والحاضر، يمكننا القول بأن رواية عملاق قندهار ما هي إلا نسج خيال، الغرض منها إثارة الجدل من أجل أهداف سيكشف عنها الزمن.